دُقّ ناقوس الخطر في العالم بسبب الإحتباس الحراري ولبنان سيكون من أكثر المتأثرين به
Rania Magazine

تحقيق

دُقّ ناقوس الخطر في العالم بسبب الإحتباس الحراري ولبنان سيكون من أكثر المتأثرين به

 
 
 
Facebook
 
Twitter
 
Linkedin
 
 

جوليان جريصاتي: لسنا بعيدين عن ظاهرة التصحّر

"لبنان بلد ذو فصول أربعة".. لطالما درست الأجيال السابقة هذه العبارة على مرّ السنين، ويرى البعض أنّها قد تتغيّر في القريب العاجل، في حال لم يتمّ تدارك تغيّر الوضع المناخي ومحاربة الاحتباس الحراري على الصعيد المحلي، دون انتظار الحلول العالمية. فيما يرى البعض الآخر أن نسبة المتساقطات طبيعية، وما حصل هذا العام ليس استثنائياً، حيث إنها ترتفع عاماً وتنخفض أعواماً أخرى، لكن ما يدعو الى القلق هو تكرار هذه العوامل لسنوات عدّة. رئيس منظّمة Green Peaceالعالمية في لبنان جوليان جريصاتي دقّ ناقوس الخطر جرّاء أزمة الاحتباس الحراري التي يمرّ بها العالم، محذّراً أنّ لبنان سيكون من أشدّ المتأثرين بها، إذا لم تتمّ معالجة هذا الأمر، مشيراً إلى أنّ العواصف التي شهدها البلد قد خدعت اللبنانيين على صعيد المعدل، وأكّد لمجلتنا خلال هذا اللقاء أن هذه العواصف لا تبعد عن لبنان خطر التصحّر القادم، لأنّ الينابيع التي تفجّرت مع العاصفة ستجفّ ما إن تنتهي، مُستشهداً بالأيام الماضية ودرجات الحرارة المرتفعة فيها.

برأيك، هل نسبة الأمطار جيّدة هذا العام؟ وما هي الإيجابيات على الصعيد البيئي؟

إنّ العواصف التي شهدناها مؤخراً تخدع قليلاً، على الرغم من معدلات الأمطار المرتفعة التي سُجّلت. لكنّ المشكلة الأساسية تكمن في هطول الأمطار خلال فترة زمنية محدّدة تقتصر على العواصف فقط، حيث تعجز الأرض عن امتصاص المياه المتساقطة دفعة واحدة وتُهدر غالبيتها في البحر، على عكس مواسم الشتاء الماضية التي سجّلت معدلات أمطار مرتفعة تساقطت خلال فترة زمنية طويلة، فاستطاعت الأرض إمتصاصها، وامتلأت حينها الآبار الجوفية بالمياه.

شهدنا تفجر ينابيع عديدة مضى عليها زمن بعيد من الجفاف، هل يمكن القول إن لبنان بعيد عن التصحّر؟

لا يمكن القول إننا بعيدون عن ظاهرة التصحّر لأنها إحدى نتائج تغيّر المناخ الأساسية، واليوم تُسجّل درجات الحرارة معدّلات أعلى من معدّلها الطبيعي بسبب الاحتباس الحراري. ففي السابق، كانت معدلات الحرارة معتدلة، والمعدل العام للأمطار مرتفعاً نسبياً في فصل الشتاء وكان موسم التزلّج يبدأ في وقته الاعتيادي، لكننا اليوم نشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة مقابل انخفاض منسوب المياه لأنّ معدل الأمطار يتراجع عاماً بعد عام.   

يُقال إن نسبة البرودة هذا العام قتلت العديد من الجراثيم في الطبيعة، هل هذا صحيح؟ وهل ينظّف الشتاء الجوّ والبيئة؟

على العكس تماماً، لأنّ درجة الحرارة كمعدل عام ترتفع باستمرار، وبناءً على ذلك، إنّ معدّل الحالات المرضية سيرتفع أيضاً، لأنّ الجراثيم ستجد لها بيئة حاضنة لتتكاثر، لذا يجب أن تكون الحرارة متدنية لمدة طويلة لتفادي هذا الأمر. إنّ العواصف التي شهدها لبنان لا تُعبّر بدورها عن الموسم كله، لأنّها حصلت في أيام معدودة، وإذا استمرّ الوضع على ما هو عليه اليوم إلى العام 2050، فستزداد درجة الحرارة 3 إلى 4 درجات كمعدل عام، وسيتراجع الإنتاج الزراعي لأنّ المياه ستصبح نادرة، وسيحدث تغيير في نمط بعض مزروعاتنا. هذا وسيتأثر القطاع السياحي بارتفاع درجات الحرارة لا سيما رياضة التزلّج في فصل الشتاء، لأنّ نسبة الثلوج ستتضاءل عاماً بعد عام، وهذا الأمر من شأنه أن يُرخي بظلاله على الاقتصاد أيضاً.

السيول جرفت النفايات والأوساخ إلى مجاري الأنهار والبحار، هل تعتبر الأمطارمطهّراً للينابيع أم أنّ التلوث في لبنان يزيد  الأمور سوءاً؟

خلال فصل الشتاء، لا تختفي النفايات والأوساخ بل تصبّ في البحر والأنهار، ولا تعتبر العواصف مطهّراً أساسياً للينابيع، لأنّ السيول تجرف معها النفايات إلى البحر والينابيع وتكدّسها أيضاً على الشواطئ، لذا يجب حلّ هذا الموضوع من المصدر.

هل نحن بحاجة إلى نقل المياه السطحية إلى جوف الأرض منعاً للتصحّر، أم أنّ لبنان لم يصل إلى هذه المرحلة؟

يجب الاهتمام أولاً بالأرض وتنظيفها من التلوث والنفايات المتراكمة على سطحها، لأنها سبّبت تراجعاً في نوعية الأرض والتربة حيث لم تعد تستطيع امتصاص مياه الأمطار كما في السابق، وعندما تذوب الثلوج تأخذ وقتاً طويلاً لتدخل جوف الأرض مصحوبة بالأوساخ والنفايات، الأمر الذي يؤدّي إلى تلوّث المياه الجوفية. لذلك، يجب العمل على إيقاف مصادر التلوث لتطهير المياه الجوفية، إذ لا يمكن حل هذه الأزمة من خلال الأمطار وحدها.

هل هناك خطر من السدود التي تمّ إنشاؤها في لبنان؟ وكيف يمكن الاستفادة من الأمطار والمياه؟

للسدود أثر بيئي سلبي إذا لم تتمّ دراسة الوضع البيئي قبل إنشائها، لذلك ينبغي أن تُبنى بطريقة سليمة وأن تراعي المعايير البيئية، ليصبح لدينا موارد مائية نظيفة، ويجب أن تكون هناك إدارة سليمة للموارد التي نمتلكها، لأنّ لبنان مقارنة بدول المنطقة غنيّ بالمياه، لكننا لا نراعي في عملنا المعايير البيئية ممّا يؤدّي إلى تلوّث المياه الجوفية.

ما هي آثار التغيّر المناخي على لبنان؟ وكيف يمكن مواجهة هذا الموضوع؟

يُعدّ تغيّر المناخ مشكلة عالمية ولبنان من أكثر البلدان تأثراً بهذا الأمر، لأنه يعاني هذه الفترة من مشكلة شحّ المياه، ممّا انعكس سلباً على قطاعه الزراعي وعلى القطاعات كافة منها السياحة وغيرها... ويؤثر تغيّر المناخ أيضاً على درجات الحرارة التي ترتفع بشكل غير اعتيادي، ممّا يؤدّي إلى ازدياد الطلب على الكهرباء في فصل الصيف، علماً أننا نعاني من أزمة كهرباء خانقة.

هل هناك خطط للتنمية المستدامة في لبنان؟ وما هي برأيك أهم البنود التي يجب بحثها؟

هنالك العديد من الخطط أهمها: إعادة تأهيل الأحراج والغابات، تطوير الزراعة لتتأقلم مع تغيّر المناخ، وضع استراتيجية جديدة للاستفادة من المياه وتطوير الطاقة المتجدّدة من الطاقة الشمسية والرياح.

هل الظواهر المناخية التي يشهدها لبنان في الصيف والشتاء اعتيادية؟

كان لبنان يتمتّع بـ 4 فصول معروفة ومحدّدة على عكس مناخه اليوم، لأنّ أحوال الطقس تبدّلت وأصبحنا نشهد عواصف في فصل الصيف وهذه حالات غير طبيعية ويجب تدارك هذه الأزمة.

رئيس مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت مارك وهيبه:

إننا في مرحلة انتقالية وسنشهد أياماً حارة وأخرى باردة

للتوسّع أكثر في تحقيقنا، التقينا رئيس مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت الدولي مارك وهيبه، الذي اعتبر أن ما حصل هذا العام طبيعي وليس استثنائياً، وأن نسبة المتساقطات لم تشهد تغيّراً لافتاً وفقاً للأرقام المسجّلة، وأشار في هذا اللقاء إلى السنوات السابقة التي شهدت شتاء قاسياً خلافاً لهذا العام الذي يُصنّف ضمن الأعوام الخيّرة في فصل الشتاء.

ما هي نسبة المتساقطات هذا العام  في المناطق اللبنانية؟ وما هو حالها مقارنة مع العام الماضي والمعدل العام؟

ارتفع معدل حرارة الأرض درجة مئوية واحدة، وهو السبب الرئيسي وراء ازدياد حدّة العوامل المناخية جرّاء زيادة ثقب طبقة الغلاف الجوي، ولا يوجد تغيّر مناخي حار في لبنان إلاّ خلال العام أو العامين المنصرمين وهو أمر طبيعي، لكن إذا تكرر هذا الأمر، فسيكون علينا درس هذا الملف. تعتمد مصلحة الأرصاد يوم 25 الشهر من كل عام في الأعوام الثلاثين الأخيرة، لاحتساب كمية الأمطار والمعدل العام السنوي، وهذا العام سجّل معدلاً أعلى من المعدل العام للمتساقطات، لذلك يعتبر من الأعوام الخيّرة، إلاّ أنه ليس عاماً استثنائياً.

هل تعتبر المصلحة متطوّرة من الناحية التقنية لمواكبة العواصف ونسب الأمطار أم أنها تحتاج لدعم إضافي؟

تعتبر التقنيات المستخدمة في المصلحة لقياس معدلات الأمطار ومعرفة حالة الطقس متطوّرة وحديثة جداً.

هل هناك توقعات لعواصف أشدّ في الفترة المقبلة؟

ليس هنالك من توقعات لعواصف شديدة مقبلة وسيقتصر الأمر على الأمطار فحسب، والتوقعات تكون عادة لمدة 5 أيام فقط، وإذا تخطّت هذه المهلة فسيكون هامش الخطأ كبيراً.

ماذا توجّه للشعب اللبناني الذي يشعر بالهلع مع كل خبر عن عاصفة قادمة؟ وهل يجب الخوف من العواصف في لبنان؟

في الماضي، كانت الظروف الحياتية صعبة جداً مقارنةً مع الحاضر، وكان لدى الناس قوة وعزيمة في مواجهة المصاعب خلال فصل الشتاء. أما اليوم ومع كلّ التسهيلات والتطوّرات إلاّ أن الخوف بات أكبر، رغم أن العواصف ليست خارجة عن المألوف، لأننا ما زلنا في منطقة معتدلة فيها فصلان (صيف وشتاء)، وفي كلّ عام نشهد عواصف تتفاوت في حدّتها إلاّ أن الأمور طبيعية. يُذكر أنه في عام 1983 كانت العواصف أشدّ بكثير من العام الحالي، فقد وصلت الثلوج إلى مدينة بيروت، وتهدّم العديد من المنازل، إذ لم تكن التجهيزات اللازمة متوفرة، وفي العام 1992 تساقطت الثلوج بنسب مرتفعة، وكذلك في الأعوام الأخيرة أي في العامين 2000 و2012. لذلك، أؤكّد بأنّ الخوف الحالي من العواصف وهمي، بسبب وسائل التواصل الاجتماعي التي تبث أخباراً خاطئة وكاذبة عن العواصف وحدّتها، نظراً إلى عدم وعي المواطن اللبناني لصحّة المعلومات المتداولة.

هل صحيح مقولة نهاية الفصول الأربعة في لبنان وأنه أصبح لدينا شتاء وصيف فقط؟

هذا الموضوع يعتمد على دوران الأرض حول الشمس، وهو أمر طبيعي وسيبقى كذلك. نحن في مرحلة انتقالية، لذا سنشهد أياماً حارة مثل فصل الصيف وأخرى باردة، أما مطلع فصل الربيع فسيكون ماطراً استكمالاَ لفصل الشتاء لترتفع الحرارة تدريجياً كلما اقتربنا من فصل الصيف. وحين نطّلع على الأرقام المسجّلة نرى أن الأمور طبيعية ولا تخرج عن سياقها المعتاد، لأننا نشهد صعوداً وهبوطاً في معدل المتساقطات.

ما هي آثار التغيّر المناخي على لبنان؟ وكيف يمكن مواجهة هذا الأمر؟

في السابق، كانت الأمطار تهطل موزّعة على فترات طويلة بنسب ضئيلة، أما اليوم فأصبحت الأمطار تهطل بكميات كبيرة خلال فترة زمنية قصيرة، ممّا انعكس سلباً إذ تراجع تراكم كميات الثلوج في فصل الشتاء على الجبال. لكن، إذا عدنا إلى العام 1983 كان مستوى الثلوج يصل إلى 6 و8 أمتار، وفي هذه الأعوام نفتقد ذلك. عندما نتحدّث عن عام واحد لا نستطيع بلورة الإطار العام لتغيّر المناخ، إلاّ إذا تكرّر هذا الأمر، حينها يمكن القول بأننا سنكون أمام "تراند" متكرّر وسيصبح هذا الأمر طبيعياً لدينا، مع العلم أن توقعات المصلحة التي تملك أحدث التقنيات تبيّن انخفاضاً في معدل الأمطار بنسبة 25 في المئة في السبعين سنة المقبلة.

ما هي آثار الاحتباس الحراري؟

بسبب الاحتباس الحراري ستصبح الأمطار غزيرة خلال فترة زمنية قليلة، وستصبح العواصف والعوامل المناخية أشدّ وهذا ما شهدناه في المحيط الأطلسي نتيجة هذا الاحتباس وارتفاع حرارة المحيطات. أما في ما يتعلق بارتفاع درجات الحرارة على الكرة الأرضية، فقد ارتفعت درجة واحدة فقط، وتترتّب جرّاء ذلك أمور عدّة منها: ذوبان الثلوج في القطبين، ارتفاع نسبة المياه في المحيطات وكميات التبخّر للمياه وغيرها...

 

 
الجمعة، 8 آذار 2019
|| المصدر: مجلة رانيا

أضف تعليقاً

الأسم *
البريد الإلكتروني *
التعليق *
كود السرّيّة *
(*) كود السرّيّة يهدف لحماية الزائر/العضو والموقع في نفس الوقت

تعليقات الزوار

    إن موقع مجلة "رانيا" لا يتحمل مسؤولية التعليقات وهو غير مسؤول عنها.

موضة

New Arrivals

صحة وتجميل

احمي بشرتك في الصيف مع عبجي
احمي بشرتك في الصيف مع عبجي

تقرير

العجز المائي سيصل إلى 610 ملايين متر مكعب عام 2035
العجز المائي سيصل إلى 610 ملايين متر مكعب عام 2035 ...
 
 
 
 
 
 
 
  • Facebook
  • Twitter
  • Insatgram
  • Linkedin
 
CONTACT US
 
Address:
Beirut, Dekwaneh, Fouad Shehab Road, GGF Center, Block A, 3rd Floor
 
Phone: +961 1 484 084
Fax: +961 1 484 284
 
Email:
[email protected]
 
 
RANIA MAGAZINE
 
RANIA MAGAZINE was first issued at the beginning of year 2002 as a monthly magazine.


RANIA MAGAZINE is concerned with economic, development, social and health affairs, news of municipalities, ministries and banks…
 
 
 
 
جميع الحقوق محفوظة @2024 لِمجلّة رانيا | برمجة وتصميم Asmar Pro