الجمارك اللبنانية عصب الخزينة مدير عام الجمارك شفيق مرعي يواجه الفساد بإمكانيات متواضعة
Rania Magazine

ملف العدد

الجمارك اللبنانية عصب الخزينة مدير عام الجمارك شفيق مرعي يواجه الفساد بإمكانيات متواضعة

 
 
 
Facebook
 
Twitter
 
Linkedin
 
 

 

تشكّل الجمارك اللبنانية العصب الأساسي للخزينة العامة اللبنانية وللإقتصاد الوطني، حيث تمدّها بمداخيل تفوق نسبة 50%، ولم يقتصر دورها على الجانب المالي فقط، بل تعداه إلى أن أصبح اليوم، وفي ظلّ تنامي المخاطر الأمنية والجرائم العابرة للحدود، يشكّل خط الدفاع الأول عن الأمن الإقتصادي والإجتماعي والصحي والغذائي.

ولا شكّ أنّ الظروف الأمنية التي تمرّ بها البلاد شكّلت فرصة لنموّ بعض أشكال الفساد، والأنشطة المافيوية التي تحاول التسلّل إلى المرافق الأكثر جذباً للكسب غير المشروع. وقد وضع مدير عام الجمارك اللبنانية شفيق مرعي خطة طوارئ جمركية تقضي باتخاذ تدابير قاسية من شأنها تفعيل الرقابة في مختلف الاقاليم الجمركية، ورفع مستوى الجهوزية لمكافحة أعمال التهريب على أنواعه. وقد أثمرت خطة مرعي حتى الآن حضّ رجال الجمارك على بذل جهود استثنائية في مختلف نواحي العمل الجمركي، وايضاً إحباط محاولات تهريب نوعية للمخدرات عبر مرفأ بيروت ومطار بيروت الدولي.

كما سعت إدارة الجمارك إلى اعتماد إجراءات جديدة، غايتها تسهيل عمليات تخليص البضائع في الجمارك، من خلال تقليص مدة بقائها إلى أقلّ وقت ممكن، وخفض أعباء وتكاليف هذه العمليات بتخفيف الإجراءات البيروقراطية، وتسهيل حركة التبادل التجاري من دون الإخلال بالرقابة الفعّالة، وذلك باعتماد أنظمة حديثة متطورة لإدارة المخاطر.

ولا يخفى ما تعانيه إدارة الجمارك منذ أكثر من 30 عاماً، بسبب افتقارها لأبسط احتياجاتها لتطوير عملها بما يتناسب مع التطور العالمي في هذا المجال، لا سيما لجهة الكفاية في العديد والعناصر والعتاد والتجهيز، كذلك إلى المقرّ المستقلّ الذي يجمع إدارتها وقياداتها ومجلس عمدائها والمدراء العامين ومدراء الأقاليم، الذين يمارسون أعمالهم في مبان مستأجرة، وإن دلّ ذلك على شيء، فهو يدلّ على مدى الإجحاف المُزمن بحقّ هذه الإدارة المنتجة، وعدم إنصافها من قبل السلطات السياسية، على الرغم من رفع الصوت عالياً والمطالبة بالمعالجة والتطوير.

مراحل التطوير

مرّت الجمارك اللبنانية بمراحل تطويرية عدة، أهمّها التعديلات التشريعية منذ العام 1995، التي اعتمدت الرسم الجمركي الموحّد بدلاً من تعدّد الرسوم، وإلغاء الدولار الجمركي واعتماد سعر الصرف العادي. تلاه تطبيق تعريفة النظام المنسّق المعتمدة عالمياً (HS) وتوحيد القيود المفروضة على التجارة الخارجية، والوصول إلى إصدار قانون الجمارك في العام 2001. بعد إصدار قانون الجمارك، تمّ الأخذ بالأساليب الحديثة والنظم المتقدمة والمتطورة في ما يتعلق بسير المعاملات الجمركية، وضرورة تبسيط التجارة، ونشر القوانين والأنظمة والقرارات الجمركية.

إن أهميّة عوامل المكننة والمعلوماتية المعتمدة في الجمارك، منذ اعتماد النظام الجمركي المعلوماتي (نجم) لمعالجة البيانات واعتماد إدخال البيانات الجمركية الكترونياً بواسطة نظام (نور) وتحديد المسار للبضائع بين المسار الأخضر والمسار الأحمر، أنّها سهّلت بهذا النظام للتاجر والمصرّح إمكانية إدخال البيانات الجمركية ما بين 24 ساعة و7 أيام، وتخفيض كلفة ووقت تحضير وتدقيق البيان الجمركي، واختصار مراحل التخليص من 4 إلى 3 مراحل أو من 3 إلى مرحلتين.

كما أنّ التسهيل الذي مُنح في الإجراءات والمعاملات الجمركية قابله تعزيز الرقابة اللاحقة من خلال اعتماد المبادىء الحديثة في إدارة المخاطر، وإعداد البرامج المعلوماتية اللازمة، ما أدّى إلى تنفيذ شبكة الإتصالات الإلكترونية (WAN) وإطلاق نظام (منار) لمكننة أعمال "المانفيست" ونظامCARS  للسيارات والآليات العابرة للحدود اللبنانية. إنّ التطوّر الذي شهدته الجمارك اللبنانية وإداراتها لم يأت من فراغ، بل كان نتيجة جهود مضنية، شارك في إعدادها جهات عدة لمواكبة التطوّر الإداري الحديث، تماشياً مع متطلبات العصرنة والتزاماً بقوانين ومعايير منظّمة التجارة العالمية WTO.

إعادة الهيكلة

على الرغم من إصدار قانون الجمارك وما شهدته إدارة الجمارك من تطوير إجراءاتها الملزمة للمعايير الدولية، إلاّ أنّ إدارتها بحاجة ماسّة لإعادة هيكلة ودعم أجهزتها ومقرّها وزيادة عديدها، حيث تقوم أجهزتها بتسهيل المعاملات ومكافحة التهريب والفساد بما تيسّر لها من مقوّمات وتجهيزات.

وتفيد مصادر جمركية لمجلة "رانيا" أن العمل جار لإحداث التغيير اللازم وإعادة هيكلة الإدارة بدءاً بدمج الجناحين العسكري والمدني، اللذين يتشكل منهما الجسم الجمركي، ضمن جهاز واحد في المستقبل، نسبة للعديد من الدول التي كانت تطبق هذا النظام، علماً أنّ هذا المشروع يحتاج إلى سنوات عدة من الدراسة وإلى موافقة السلطة السياسية. والأمر الثاني في هذا المجال يتعلق بتجهيز الإدارة ومكننتها، وزيادة عديد العاملين فيها الذي لا يتعدى حالياً 2000 موظف، فيما يحتاج إلى ما لا يقلّ عن 5000 موظف بين مدني وعسكري، للقيام بالمهام الملقاة على عاتق الإدارة بكلّ تشعّباتها ومراحل مواكبتها للمعاملات الجمركية ومراقبة الحدود ومكافحة التهريب. كما تتطلب استحداث شعبة للعلاقات العامة تعنى بشؤون الصحافة والإعلام ومهمة التواصل مع الوزارات والسفارات، بالإضافة إلى شعبة أمنية تعنى بالتواصل مع الدول في الخارج ومتابعة عمليات التهريب.

وأشار المصدر إلى أنّه وعلى الرغم من الظروف التي يعاني منها لبنان ومحيطه، فإن ما يقارب من 400 كلم من المساحات الحدودية البرية تبقى غير مراقبة بشكل كامل، وذلك يعود للنقص في العديد والإمكانات التي تحتاجها الأجهزة المختصة التابعة للجمارك، لافتاً الى أنّه وفي ظلّ الخلافات السياسية في لبنان، تم توقيع اتفاقيات مع الدول العربية واتفاقيات توأمة مع دول أوروبية، نتج عنها إزالة الرسوم بشكل كُليّ معها، وبالتالي أدى ذلك إلى انخفاض الإيرادات، ناهيك عن تراجع الأداء الإقتصادي العالمي، وإنعكاسه على حجم الإستيراد وتراجع نسبة المداخيل التي كانت تتأتى منه.

وأوضح المصدر أنّ اعتماد المسار الأحمر وإلغاء المسار الأخضر، خلال فترة محدودة مؤخراً، كان إجراءاً مُشدّداً، نتج عنه ضغطٌ إضافيٌّ، على إدارات وأجهزة الجمارك وألزمها الكشف على مئات المستوعبات يومياً، وذلك ما ليس باستطاعة الجهاز الإداري القيام به، نظراً لعدم كفاية العديد اللازم للكشف، ما أدى إلى تأخير إنجاز معاملات التخليص ودفع الرسوم على البضائع، علماً أن ذلك تمّت معالجته بإعادة اعتماد المسارين الأخضر والأحمر.

وأشار إلى إقفال المعابر البرية جرّاء الحرب الدائرة في سوريا، ما أدى إلى تحويل عمليات الشحن كافة إلى المرافىء البحرية، وقد شكّل ذلك عبئاً على التجّار والمزارعين، نظراً للكلفة المرتفعة، وخاصة على منتوجات الصناعات الوطنية الغذائية، والتي كانت تعتمد في شحن صادراتها على النقل البري، وباتت اليوم مجبرة على اعتماد النقل في مستوعبات مُبرّدة عبر البحر، وبطبيعة الحال، فإنّ ذلك يرفع من كلفة المنتجات اللبنانية، ويضعف من قدرتها التنافسية في الخارج.

وأكّد المصدر، أنّ إدارة الجمارك تقوم بواجباتها في استيفاء الرسوم الجمركية، مشيراً إلى شهادات الجودة التي تعتمد فيها على تأشيرات الوزارات المختصة والمعنية، كالأدوية على سبيل المثال، والعمل على منع التهريب ومكافحته بأقصى طاقات الأجهزة الرقابية في المرافىء والمطار والمراكز الحدودية، لافتاً إلى ارتفاع نسبة استيراد المواد الغذائية والمواد الإستهلاكية، نظراً لحاجة السوق المتزايدة في ظلّ وجود ما يقارب المليوني نازح سوري، في حين انخفضت نسبة استيراد الكماليات بسبب تراجع الوضع الإقتصادي.

وحول الإعداد لمشروع قانون لإنشاء محكمة جمركية، أكّد المصدر أنّ المحكمة قائمة من خلال لجنة جمركية تقوم بمهامها، وكان يرأسها موظف من الفئة الثانية في إدارة الجمارك، للحكم بقضايا المخالفات الجمركية، مشيراً إلى تكليف المحكمة الجمركية بدرس الملفات، وهذا ماليس بمقدورها، مؤكّداً أنّ الحديث عن إنشاء محكمة جمركية لا يزال مجرّد كلام لم يسلك طريقه للتنفيذ.

 

 

 

 

 

 
الثّلاثاء، 14 تمّوز 2015

أضف تعليقاً

الأسم *
البريد الإلكتروني *
التعليق *
كود السرّيّة *
(*) كود السرّيّة يهدف لحماية الزائر/العضو والموقع في نفس الوقت

تعليقات الزوار

    إن موقع مجلة "رانيا" لا يتحمل مسؤولية التعليقات وهو غير مسؤول عنها.

موضة

New Arrivals

صحة وتجميل

احمي بشرتك في الصيف مع عبجي
احمي بشرتك في الصيف مع عبجي

تقرير

العجز المائي سيصل إلى 610 ملايين متر مكعب عام 2035
العجز المائي سيصل إلى 610 ملايين متر مكعب عام 2035 ...
 
 
 
 
 
 
 
  • Facebook
  • Twitter
  • Insatgram
  • Linkedin
 
CONTACT US
 
Address:
Beirut, Dekwaneh, Fouad Shehab Road, GGF Center, Block A, 3rd Floor
 
Phone: +961 1 484 084
Fax: +961 1 484 284
 
Email:
[email protected]
 
 
RANIA MAGAZINE
 
RANIA MAGAZINE was first issued at the beginning of year 2002 as a monthly magazine.


RANIA MAGAZINE is concerned with economic, development, social and health affairs, news of municipalities, ministries and banks…
 
 
 
 
جميع الحقوق محفوظة @2024 لِمجلّة رانيا | برمجة وتصميم Asmar Pro