الدكتور جوزيف ديب: ما زلنا بحاجة إلى الثقافة الطبية للتعامل مع مصابي التوحّد
Rania Magazine

صحة وتجميل

الدكتور جوزيف ديب: ما زلنا بحاجة إلى الثقافة الطبية للتعامل مع مصابي التوحّد

 
 
 
Facebook
 
Twitter
 
Linkedin
 
 

مريض اضطراب طيف التوحّد يسمع لكن لا يستمع.. يرى لكن لا ينظر.. ينطق لكن لا يتكلم..

أكثر من %80 من الأطفال خرجوا من نفق التوحّد

أطلب من المجتمع اللبناني الوعي والثقافة حول التوحّد

يجهل العديد من الأشخاص المعرفة الدقيقة لما يُسمّى بـ "التوحّد" لدى الأطفال، ويلجأ بعض الأهالي غالباً إلى إخفاء أطفالهم المصابين عن المجتمع لتجنّب وقوعهم في مواقف حرجة علناً. ما هو التوحّد؟ وما هي أعراضه، أسبابه، وكيفية علاجه، وأهمية نشر الثقافة الطبية حول هذا الموضوع؟ هذه الأسئلة وغيرها أجاب عنها الدكتور جوزيف ديب طبيب عام وأخصائي في الطب الكيميائي الحيوي، مرشد ومحاضر في الأكاديمية الطبية لأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في الولايات المتحدة الأميركية - MAPS.

 

ما هو مرض التوحّد؟

هو ليس بمرض بل هو اضطراب، التوحّد (أو الذاتوية - Autism)، أحد الاضطرابات التابعة لمجموعة من اضطرابات التطوّر المُسمّاة باللغة الطبية "اضطراب طيف التوحّد" (Autism Spectrum Disorder - ASD) هو اضطراب نمائي عصبي، يصيب الأطفال بين عمر سنة ونصف إلى سنتين ونصف، ويؤثّر سلباً على قدراتهم في التواصل الاجتماعي، السلوكي والتفاعلي عامة. أي أن هذا الاضطراب هو سلوكي اجتماعي تواصلي. وأنا أعرّف الطفل المُصاب بالتوحّد كالتالي: يسمع لكن لا يستمع، يرى لكن لا ينظر، ينطق لكن لا يتكلم.

 

ما هي أنواع التواصل التي قد يصيبها هذا الاضطراب؟

للتواصل مع المحيط عدّة أوجه هي: التواصل البصري، السمعي، الكلامي وهذه المهارات تُخلق غريزياً مع الطفل السليم، إلاّ أنّ الأطفال المصابين بالتوحّد خلال فترة عمرية محدّدة يفتقدون هذه المهارات إن لم يكن التوحّد وراثياً. إضافة لما سبق، هناك التواصل السلوكي أي أن المصابين يكون لديهم سلوكيات سيئة تختلف عن تصرفات الأطفال الآخرين من الفئة العمرية ذاتها. وهناك أيضاً التواصل الاجتماعي حيث يفتقد الطفل القدرة أو المبادرة الاجتماعية للانخراط مع الأطفال أو الكبار.

 

ما هي أسباب التوحّد؟

هناك نوعان من التوحّد، الأول: توحّد مُكتسب، والثاني: توحّد وراثي. من 5 إلى %11 من الأطفال الذين لديهم طيف توحّد تكون أسبابه وراثية، جينية، أو كروموسومية وتظهر بعد الولادة عبر أعراض واضحة. أمّا الأطفال الذين يخلقون سليمين ويكتسبون فيما بعد التوحّد، فنطلق عليهم "الأطفال ذوي التوحّد الانتكاسي". وهناك أسباب عدة تؤدّي إلى هذا الأمر أهمّها مناعة الطفل بحدّ ذاته، الخلل بـ Mitochondria وهي معمل الطاقة الموجودة داخل خلايا الجسم والمسؤولة عن توليد الطاقة داخل الخلية، خلل في كيميائية الجهاز العصبي، خلل مناعي، اكتساب السموم من الطعام والبيئة المحيطة، الأكسدة والمعادن الثقيلة. وهناك دراسات تفيد بأن المواد الموجودة داخل اللقاحات من الممكن أن تسبّب خللاً في الجهاز العصبي الذي بدوره يؤدي إلى اضطراب طيف التوحّد، لكن هذا لا يعني بأن اللقاحات غير جيدة إلاّ أنّ بعض أجسام الأطفال يتفاعل مع موادها بشكل سلبي.

 

ما هي أعراض التوحّد؟

خلال الـ 9 أشهر الأولى من الصعب تشخيص التوحّد، فمعظم الأهالي يلاحظون بأنّ أطفالهم يفقدون مهاراتهم التواصلية من عمر سنة وإلى سنة ونصف. في هذه المرحلة العمرية يقوم الدماغ بتنظيم كيميائيته وإعطاء الأوامر داخل الوصلات العصبية وعند وجود خللٍ في كيميائيته أو زيادة في الشحنات الكهربائية يقوم الدماغ بإعطاء أوامر خاطئة تُترجم تلقائياً بشكل خاطئ، لذا ينفصل الطفل عن عائلته ويفقد مهاراته المكتسبة كخسارة بعض الكلمات، فقدان التواصل البصري مع الوالدين والآخرين، عدم الاستجابة عند سماعه لاسمه. كما يصبح لدى البعض حركات سلوكية سيئة كالركض أو الصراخ إضافة إلى انتكاسة في عادات النوم كما يغدو تواصلهم الاجتماعي مع المحيط ضعيفاً جداً.

 

ما هو العلاج لهذا الاضطراب؟

لا يتمّ إعطاء الطفل علاجاً دوائياً خلال المرحلة العمرية المُبكرة، ففي هذه الفترة لا يكون الدماغ قد اكتمل من ناحية السيطرة وإعطاء الأوامر. بعض الأطباء ينصحون بإخضاع الطفل لجلسات نطق وسلوك ووظيفي، لكن هذه الجلسات لا تنفع بشكل دائم. إذ أن معظم الأطفال ليس لديهم القدرة على التواصل أو فهم الأمور وترجمتها بطريقة صحيحة لذلك يجب تحسين وظيفة الدماغ كي يتمكّن الطفل من فهم وإدراك وتحليل الأوامر المُعطاة له، وهذا الهدف نصل له بواسطة العلاج الطبي. يخضع كل طفل إلى مجموعة من التحاليل الطبية المخبرية لمعرفة أسباب الإصابة بالتوحّد. فبحسب نتائج هذه التحاليل يتمّ وضع الطفل على بروتوكول طبي علاجي قد يكون عن طريق تنظيم الغذاء وإعطاء بعض المكمّلات الغذائية والأحماض الأمينية لتنظيم كيميائية الدماغ، وبعض الأطفال يحتاجون إلى أدوية مضادة للشحنات الكهربائية. ضمن المنطقة العربية يبدأ العلاج الدوائي في السنة الثالثة تقريباً والسبب في اختيار هذا العمر يكمن في أن الدماغ ينقسم إلى أيمن وأيسر وبينهما جسم يطلق عليه "الجسم الثفني" وهو عبارة عن جسر مصنوع من البروتينات يقوم بنقل المعلومات بين القسمين الأيمن والأيسر للدماغ وبالعكس. في بداية عمر الطفل يكون القسم الأيمن من الدماغ هو المسيطر والمسؤول بشكل أكبر عن الحركة والأمور الأخرى غير التعليمية أو الثقافية، بينما في عمر 3 سنوات ينقل الدماغ تلقائياً سيطرته من القسم الأيمن إلى الأيسر، وبهذه الطريقة يصبح الدماغ على استعداد لتعلّم الموسيقى والأرقام، الأحرف والأشكال، وفي عمر 6 سنوات يصبح هناك توازن بين القسمين.

 

كيف يمكن تطبيق العلاج التدريبي على الأطفال؟

أولاً: يجب تدريب الأهل للتعامل مع الأطفال المصابين، ثانياً: العمل على تدريب الأطفال لاكتساب مهاراتهم مجدداً في النطق، والسلوك والمهارات الأخرى. يكتسب بعض الأطفال مهاراتهم بشكل جيد وينتقل إلى مرحلة عمرية أخرى، والبعض الآخر تتمّ برمجة دماغه على أسئلة محدّدة لا يمكنه الإجابة عنها في حال تغيّرت صيغة طرحها.

 

هل من الممكن حدوث انتكاسة بعد العلاج؟

هناك بعض الأطفال الذين تمّت معالجتهم بشكل كليّ، ولكن يجب وضعهم تحت المراقبة بشكل دائم لتفادي أي انتكاسة مُمكنة، فمثلاً التعرّض لالتهاب فيروسي أو حادث سيارة قد يؤدّي إلى الانتكاسة. وبحسب الدراسات التي أجريناها في المنطقة العربية فإن أكثر من %80 من الأطفال خرجوا من نفق التوحّد لكنهم لم يكتسبوا مهاراتهم بنفس الدرجة.

 

ما هي نسبة الأطفال المصابين في لبنان؟

لا يوجد إحصاءات دقيقة حول أعداد المصابين فهناك بعض العائلات التي لا تصرّح بمرض أطفالها خشية من المجتمع، لكن هناك 1/1 أي أن كل ذكر واحد مصاب تقابله أنثى واحدة، بينما في أميركا كل 5 ذكور تقابلهم أنثى واحدة.

 

كيف يتعامل المجتمع اللبناني مع هذا النوع من الاضطرابات وهل هناك مراكز رعاية متخصّصة؟

برغم ثقافة الشعب اللبناني الواسعة إلاّ أننا ما زلنا بحاجة للثقافة الطبية حول هذا الموضوع، ولمعرفة كيفية التعامل مع الأطفال المصابين في الحياة اليومية. أمّا بالنسبة لمراكز التدريب فهي متوفرة من شمال لبنان إلى جنوبه، وهناك اختصاصيون وجمعيات ومراكز رعاية متخصّصة، إلاّ أنّ هذا غير كافٍ. يجب أن يكون عدد الأطباء المختصين أكبر، إضافة إلى معرفتهم بكيفية التعامل مع الأطفال المصابين ووضع الخطط العلاجية وأن نبتعد عن الأدوية المخدّرة أو المهدّئة إلاّ في الحالات الصعبة جداً لما لها من تأثير سلبي في فقدان المهارات.

 

بعد مرحلة العلاج، كيف يتمّ دمج الأطفال في المجتمع، وهل هناك مدارس خاصة لهم؟

هناك مراكز متخصّصة لذوي الاحتياجات الخاصة، إضافةً لمراكز التأهيل والتدريب لدمج الطفل بالمجتمع المدرسي والمدني بعد علاجه. ويجب على كل مدرسة أن تعي معنى التوحّد، وأن يكون هناك اختصاصيون لإعطاء برامج محدّدة للطفل المصاب.

 

ما هي نصائحك لعائلات الأطفال المصابين بالتوحّد؟

مراقبة الأهالي لأطفالهم وفي حال ملاحظة وجود أية مشكلة في التواصل أو السلوك أو التفاعل الاجتماعي، يجب البحث عن اختصاصي لمساعدتهم. نعلم جميعاً أنّ وجود طفل مصاب بالتوحّد يشكّل ضغطاً نفسياً للعائلة، لذا يجب على الأب والأم أن يكون لديهما الوعي الكامل والفهم والاستيعاب لماهية الاضطراب وأن يتكاتفا لعلاجه ويساعدا طفلهما في التخلّص منه. وليس من المعيب أبداً طلب المساعدة من الجمعيات المتخصّصة لمعرفة برامج التدريب التي تناسب حالة كل طفل. وأطلب من المجتمع اللبناني ككل الوعي والثقافة حول التوحّد، وعلى الأشخاص المعنيين من أطباء وأخصائيي تدريب تحسين وضع هؤلاء الأطفال.

 

 
الجمعة، 15 كانون الأوّل 2017
|| المصدر: مجلة رانيا

أضف تعليقاً

الأسم *
البريد الإلكتروني *
التعليق *
كود السرّيّة *
(*) كود السرّيّة يهدف لحماية الزائر/العضو والموقع في نفس الوقت

تعليقات الزوار

    إن موقع مجلة "رانيا" لا يتحمل مسؤولية التعليقات وهو غير مسؤول عنها.

موضة

New Arrivals

صحة وتجميل

احمي بشرتك في الصيف مع عبجي
احمي بشرتك في الصيف مع عبجي

تقرير

العجز المائي سيصل إلى 610 ملايين متر مكعب عام 2035
العجز المائي سيصل إلى 610 ملايين متر مكعب عام 2035 ...
 
 
 
 
 
 
 
  • Facebook
  • Twitter
  • Insatgram
  • Linkedin
 
CONTACT US
 
Address:
Beirut, Dekwaneh, Fouad Shehab Road, GGF Center, Block A, 3rd Floor
 
Phone: +961 1 484 084
Fax: +961 1 484 284
 
Email:
[email protected]
 
 
RANIA MAGAZINE
 
RANIA MAGAZINE was first issued at the beginning of year 2002 as a monthly magazine.


RANIA MAGAZINE is concerned with economic, development, social and health affairs, news of municipalities, ministries and banks…
 
 
 
 
جميع الحقوق محفوظة @2024 لِمجلّة رانيا | برمجة وتصميم Asmar Pro